ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

يقدم قطاع النقل الشروط الملائمة و المناسبة لتطور قطاعات الاقتصاد الوطني الإنتاجية و الخدمية الأخرى، و تتصف علاقته مع هذه القطاعات بأنها علاقة تأثير متبادل، ما يعني أنه يتعذر تحقيق أي تقدم أو تنمية في أي من هذه القطاعات دون أن يسبقها أو يرافقها تقدمٌ ملموسٌ في قطاع النقل. لقد أولت الدولة هذا القطاع أهمية خاصة منذ فجر الاستقلال ،حيث خصص هذا القطاع بالاعتمادات الكبيرة في خططها الخمسية المتعاقبة. بعد عام 2000 حصلت هناك قفزة كبيرة في حجم الاعتمادات المخصصة لقطاع النقل، حيث بلغت هذه الاعتمادات في الخطة الخمسية التاسعة (2001-2005) ما يعادل ما أنفق على هذا القطاع في الخطط الخمسية السابقة مجتمعة. تعرض قطاع النقل و بناه التحتية (سكك حديدية، الطرق و الجسور، المطارات و وسائل النقل المختلفة...) إلى أعمال تدمير و تخريب ممنهج من جراء الأزمة التي تشهدها سورية منذ آذار 2011، التي هدفت الى تقطيع أوصال البلاد و شل حركة الركاب و البضائع، و نتيجة لذلك فقد مني قطاع النقل بخسائر إقتصادية جمة في بناه التحتية و وسائل النقل، و قد تم استعراض هذه الخسائر في متن هذا البحث للسنوات 2011،2012، 2013 ،كما تم استعراض واقع قطاع النقل قبل الأزمة. نظراً لأهمية هذا القطاع و دوره الأساسي في إعادة الإعمار، كانت هناك حزمة من المقترحات و الرؤى التي تم طرحها لإعادة إعمار البنى التحتية للقطاع نفسه كأولوية و تعزيز دور هذا القطاع في إعادة الإعمار و التنمية وفق محاور تنموية، و في إطار تخطيط اقليمي شامل و تنمية مستدامة. ولعل أهم آثار الأزمة، كان قرار الدولة السورية في الاتجاه شرقاً في سياستها، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على تنفيذ شبكات النقل وبناه التحتية ووسائل النقل. إنطلاقاً من هدف الربط بين البحار الخمسة ،الذي اعتبر هدفاً أعلى في الإطار الوطني للتخطيط الاقليمي، فقد تم استعراض بعض الرؤى التي يمكن أن تساعد في تحقيق هذا الهدف بغرض جذب النقل الدولي و العابر عبر سورية و استغلال موقعها الجغرافي المتميز كعقدة نقل ومواصلات، بما يفضي إلى زيادة في معدل النمو الاقتصادي، و بالتالي إلى رفع مساهمة قطاع النقل في الناتج الإجمالي المحلي.
يوفر قطاع النقل الظروف و الشروط الملائمة لعمل باقي قطاعات الاقتصاد الوطني الإنتاجية منها و الخدمية، كما يرتبط معها بعلاقات متبادلة إلى درجة يصبح فيها من الصعب تحقيق أي تقدم في تلك القطاعات دون أن يسبقها أو يرافقها تنمية قطاع النقل. حقق قطاع النقل الح كومي خلال السنوات العشر التي سبقت الأزمة السورية تقدمًا ملموسًا قياسًا إلى المراحل السابقة، و خصص بحجم كبير من الاعتمادات لتنفيذ خططه الاستثمارية. فقد بلغ حجم الاعتماد المخصص للخطة الخمسية التاسعة (2005-2001 )، ما يعادل تقريبًا ما أُنفِق جميعه خلال الخطط الخمسية السابقة. و منذ آذار 2011 تعرضت البنى التحتية (الطرق و الجسور و السكك الحديدية و المطارات و وسائل النقل المختلفة) إلى أعمال تدمير و تخريب ممنهج من قبل المعارضة المسلحة بهدف شل الحياة الاقتصادية و تقطيع أوصال البلد، و من ثَم إضعاف قدرة الدولة على المواجهة. و نظرًا إلى الدور المهم و الحيوي في هذا القطاع قمنا بتقدير الخسائر الاقتصادية (المباشرة و غير المباشرة) الناجمة عن ذلك منطلقين من فرضية استمرار معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للمدة التي سبقت الأزمة البالغ 3.1 % استمراره خلال سنوات الأزمة (2011-2012-2013) (سيناريو استمراري) على اعتبار عام 2010 عام أساس، و مقارنته بالواقع الفعلي لنمو هذا الناتج إذ يمثل الفارق قيمة خسائر الناتج المحلي الإجمالي خلال هذه المدة أو ما يسمى بتكلفة الفرصة البديلة. و بعد إضافة الخسائر المادية المباشرة توصلنا إلى حساب إجمالي الخسائر الاقتصادية التي وصلت إلى نحو ( 85 ) مليار ليرة سورية. و قد مهدنا لذلك من خلال دراسة واقع قطاع النقل الحكومي و تحليله و أدائه بنشاطاته المختلفة (بري و بحري و جوي) خلال السنوات ( 2000-2010).
عادةً ما يترافق تزايد حجم الأنشطة الاقتصادية و عدد السكان بزيادة الطلب على أنشطة قطاع النقل. كما أنّ تحديث قطاع النقل و رفع سوية خدماته من شأنه أن يخفض التكاليف اللوجستية و تكاليف الانتاج مما يؤدي إلى أسعار تنافسية للمنتجات. لكن تمويل التكاليف اللازم ة للمحافظة على سوية جيدة لأنشطة قطاع النقل و توسيعها يصبح مشكلة مهمة خصوصاً في ظل ضعف موارد المالية العامة . بالتالي، تشير التجارب إلى ما يسمى (رسم استهلاك الوقود) للمساهمة في تأمين الموارد المالية اللازمة لتمويل استثمارات قطاع النقل هو خيار مجدٍ و يمكن الاعتماد عليه . لكن عادةً ما يؤدي فرض هذا الرسم إلى رفع مستوى تضخم الأسعار ، كون مخرجات قطاع النقل تدخل في معظم الأنشطة الاقتصادية. ندرس في هذه الورقة الآثار المحتملة لفرض رسم استهلاك الوقود على تمويل استثمارات قطاع النقل و على مستوى تضخم الأسعار في الاقتصاد السوري. حيث تبين النتائج أنّ فرض رسم استهلاك للوقود بنسبة 10% من أسعار الوقود سيؤدي إلى تأمين قسم مهم من الموارد المالية و سيكون أثره على مستوى الأسعار محدوداً .
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا